ان مهمة بناء الوئام الاجتماعي والسلام وتعزيز التصالح والتسامح واللجوء الى التعايش والحوار يقتضي اساساً فهم المكونات لبعضها البعض واكتشاف كنوز الثقافات العراقية وتلاقحها وتناسقها بهدف نسج هــــــوية ثقافية عراقية قائمة على التنوع والتعددية التي هي سمة العصر. ان اللغات العديدة في المجتمع الواحد اغناء واثراء للمخزون الثقافي وكل المجتمعات المتحضرة تلجأ الى احياء تراث وأرث ولغات كل الاثنيات والاعراق القاطعة على ارض الوطن لتعطي صورة واقعية وحقيقة عن ثقافاتها, بعيدا عن نزعات الاقصاء والتهميش ومحاولة تغليب قومية على اخرى, او لغة على لغة ثانية لصهر الجميع في بودقة واحدة فهذه محاولات ومشاريع اثبتت على مدى التاريخ سطحيتها وفشلها, بل وادت في كثير من الاحيان الى اندثار ثقافات ولغات وكنوز معرفية كانت ستضيف الكثير الى التراث البشري . ان مصطلح الاغلبية والاقلية مجرد تسميات لايجوز ان يكون لها تداعيات سياسية او تسلطية, فالثقافات داخل البلد متساوية وكل ثقافة تشكل جزءاً من ثقافة الوطن وهي في مجموعها تشكل النسيج الثقافي للوطن . وفي هذا المجال نشطت مديرية الدراسة الكوردية في وزارة التربية الاتحادية في الأونة الاخيرة في اعادة موضوع تفعيل تدريس اللغة الكوردية في المناطق خارج اقليم كوردستان الى الواجهة. حيث انعقد مؤخراً المؤتمرين في بغداد احدهما لمعلمي ومدرســـي هذه اللغة, والاخر يوم (10/12/2013) لمدراء اقسام تدريس اللغة الكوردية تحت شعار (تعزيز تعليم اللغة الكوردية توطيد للوحدة الوطنية العراقية). من المؤكد ان المؤتمران كانا مناسبة للتذكير بأهمية لغة المكون الثاني في العراق والتي اصبحت بموجب الدستور لغة رسمية الى جانب اللغة العربية مما يعني قانونياً الحق في استعمال الكوردية في المخاطبات الرسمية وفي البرلمان ومؤسسات الدولة, ويعني ايضاً مضاعفة الاهتمام بها على كافة الصعد، لكي لايتحول الامر الى مجرد قرار نظري لا اثر له في التطبيق العملي. والواقع ان اتفاقية اذار لعام (1970) كانت قد نصت على هذا الموضوع وتم في حينه ادخال الكوردية في المناهج في كافة انحاء العراق , ولكن بقي الأمر مجرد حبر على ورق ولم يطبق فعلياً وماذلك بغريب عن النظام الدكتاتوري السابق الذي شن اعنف حرب عنصرية على الشعب الكوردي. الآن اختلف المشهد وهذا الاستحقاق الدستوري يجد اليوم طريقه للتطبيق بهدف الغاء الاغتراب هذه بين المكونات العراقية والذي يعود في الاساس الى الاغتراب اللغوي, واي محاولة للانتقاص من اللغات الوطنية يعني الانتقاص من مجمل ثقافة الشعب. اننا مع انعاش كل اللغات العراقية وسنكون سعداء جداً اذا وجدنا مواطنين عراقيين يتحدثون (العربية) و(الكوردية) و(التركمانية) و(السريانية), فهذه احد الاسس المتينة للتفاهم والتعايش وبناء الوئام الاجتماعي والثقافي في العراق.
By accepting you will be accessing a service provided by a third-party external to https://alarshef.com/
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. - المقالات التي تنشر في الشبكة تعبر عن رأي الكاتب و المسؤولية القانونية تقع على عاتق كاتبها / الاتصال