أخيراً!، تمكنت الطبقة السياسية الحاكمة في العراق من تنفس الصعداء بإحراز بعض التقدم. جاء ذلك بعد نجاح أعضاء البرلمان في لملمة الفرقاء وعقد جلسة ضمنت الحد الأدنى من التماسك بين الفئات، إضافةً إلى عدد الأصوات المطلوبة لحسم القرارات.
بالذات تم التأكيد على استمرار رئيس الجمهورية المنتهية ولايته في منصبه مع إعطاء القائمة العراقية منصب رئاسة البرلمان. بدوره قام رئيس الجمهورية بالإيعاز إلى رئيس الوزراء، المنتهية ولايته كذلك، بالتهيؤ لتشكيل حكومة جديدة، فيها يحتفظ بمكانته السابقة كرئيس للحكومة للمرحلة القادمة.
هنالك عدة احتمالات تواجه الحكومة الجديدة ورئيسها المخضرم. حكومة من المتوقع أن تتشكل في المستقبل القريب، ربما، مع الاستمرار في المخاض العسير. مخاض بدأ منذ حوالي الثمانية أشهر ونيّف عقب الانتهاء من إجراء الانتخابات النيابية العامة.
الاحتمال الأول هو أن يستمر الوضع على ما كان، أو ما هو عليه الآن. وضع يتميز بالتوقف شبه التام في كافة المجالات، خاصةً مجالات المصالحة الوطنية والشروع بإعادة الإعمار. هذا مع انتشار الفساد الإداري والمالي والاقتصادي، أفقياً وعمودياً، ضارباً عموم مفاصل الأجهزة الإدارية والأمنية والاقتصادية.
باتت الدولة العراقية بعد الاحتلال الأميركي تواجه معضلات حادةً في كل شيء؛ بالذات في مجال ترميم أواصر لُحمة البلاد الوطنية وتوطيد الاستقرار الأمني وترسيخ وضوح الأفق السياسي، الآني والمنظور والإستراتيجي.
الاحتمال الثاني هو حصول تغير إيجابي في مجال الخدمات وإعادة البناء والتعمير والاستقرار. هذا ما يتمناه كافة المعنيين بالشأن العراقي، بعد أن ذاقت البلاد والعباد الويلات وفظائع الحرب والفوضى الأهليتين.
على أرض الواقع لا يوجد حقيقة ما يدعو للتفاؤل في هذا الاتجاه، باستمرار الهيكلية الحاكمة السابقة. ولو كان في الأمر ما يدعو للتفاؤل لقدمت الحكومة المنتهية ولايتها بعض الشيء ولو بالحد الأدنى.
تواجه الحكومة المتوقع تشكيلها أزمة صعبة، بل حرجة وخطيرة، تشل قدراتها وتمنعها من تحقيق بعض ما يصبو إليه العراقيون والمعنيون بهم.
الاحتمال الثالث هو استمرار تفاقم الأزمة والوصول بها إلى طريق مسدود. ذلك ما يؤدي إلى حصول حركة شعبية عارمة شاملة ضد النظام الحالي؛ على غرار ما حدث في هبّات المدن العراقية بسبب تفاقم أزمة الطاقة على أهلها. النظام منشغل بتوطيد البرامج المبنية على المحاصصة الطائفية والعرقية والسياسية المستوردة.
ثبت قطعاً أن هدف إحلال نظام المحاصصة الطائفية هو نزع الاستقرار الأهلي وحرمان الشعب والنظام من الاستقلالية وخلق تبعية للغير. لم تزل الكتل السياسية منقسمة على بعضها في كل شيء، وأي شيء.
التدخلات الخارجية العابثة لم تتوقف ولا يوجد ما يدعو للتفاؤل بشأن تقليصها مستقبلاً. على العكس من ذلك بات الباب مفتوحاً على مصراعيه لتدخلات خارجية أخرى بعد توطيد التقليدية منها، الأخيرة من دولة الاحتلال والدول المجاورة. السبب الأساس في ذلك يعود إلى حدوث خلخلة أو فراغ سياسي تسعى القوى الأخرى الطامعة لملئه.
العراق بعد الاحتلال أصبح يحتاج إلى كل شيء تقريباً من الخارج. بيعت المقدرات العراقية الأساسية الرئيسية، والفرعية الداخلية!، للشركات الخارجية. لم يُصرف الجهد الكافي باتجاه التنمية الداخلية، خاصة البشرية، في كافة المجالات. بات الاقتصاد العراقي محاصَراً ومشلولاً ويعج بالسلبيات الإدارية والفنية وفي مجال الخبرات.
مشهد الوضع الديمغرافي في العراق لا يبشر بكثير من الخير، خاصةً من جهة الشمال. هنالك يتعاظم النشاط الحزبي السياسي الكردي مهدداً وحدة البلاد الوطنية في الصميم. عموماً وعلى أرض الواقع فالعراق مقسَّم بين مجموعة من الأحزاب الطائفية والعرقية شديدة التنافر مع نفسها وغيرها.
هذه وإن تبدو خامدةً مسايرةً قليلاً بسبب هول الظروف إلا أنها تعد نفسها لمرحلة من الفوضى قادمة. تتطلع لأن تحفظ أمكنتها وتحقق أهدافها مما تبقّى من الكعكة العراقية؛ حتى وإن باتت الكعكة مطعّمةً بالسموم والدماء وويلات العنف والفوضى الدموية وانعدام الأمان.
جامعة الإمارات
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
By accepting you will be accessing a service provided by a third-party external to https://alarshef.com/
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. - المقالات التي تنشر في الشبكة تعبر عن رأي الكاتب و المسؤولية القانونية تقع على عاتق كاتبها / الاتصال