في البلدان والمدن السياحية ، تتعدد مصادر الإيرادات المالية لبلدياتها من أنشطة قد لا تخطر على البال في المدن الأخرى غير السياحية ، فمع حركة الناس وحاجاتهم ، ومع أفواج السائحين ، وكثرة المقيمين ، تضج المدن بالحياة ، وتنتعش اقتصادياتها ، وتطور نفسها بنفسها من وارداتها المتزايدة ، فحركة الطائرات في مطاراتها لا تتوقف ، والفنادق ممتلئة ، والمطاعم والمقاهي مزدحمة ، والأسواق منتعشة ، والبنوك ومكاتب الصيرفة تعمل بلا كلل ولا ملل ، والباصات وأنواع المواصلات من مترو وترام ومتروباص يتكدس على مقاعدها وممراتها مئات الآلاف من البشر يومياً ، ومن كل الألوان والأجناس ، والمتاحف والمواقع السياحية ومافيها وماحولها من منافع وخدمات تعمل بنشاط ملحوظ في أوقاتها ، وهؤلاء السياح يمثلون في حركتهم وحاجاتهم ، مورداً عظيماً لتلك المدن تجعلها في غنى عن الميزانية العامة للدولة وتخصيصاتها المالية السنوية . وهكذا هي اسطنبول التي تشير الاحصاءات الصادرة عن وزارة المالية التركية بإنها مصدر مايقرب من نصف عائدات خزينة الدولة التركية ، وهي عائدات تفوق في كل الأحوال الأربعمائة مليار دولار سنوياً ، علماً إن تخصيصات المدينة من الموازنة السنوية العامة للدولة لاتصل الى ستة مليارات دولار !
ذلك ليس بغريب على مدينة تستثمر وتقدم الخدمات مهما كانت بسيطة لقاء ثمن ، حتى لو كانت تلك الخدمة تتمثل في استخدام المرافق الصحية ودورات المياه ، فما لم يكن معك ليرة تركية معدنية أو ليرة ونصف أو ليرتين في قسم منها ، فإنك لا تستطيع تجاوز البوابة الالكترونية لتلك المرافق ، وهنا لا تشعر فقط بضرورة حاجتك البايولوجية فحسب ، انما تشعر بأهمية هذه القطعة المعدنية التي ستحرص على أن تكون في جيبك كل الأوقات ! وان لم تكن هناك بوابة الكترونية فهناك بواب بشري يطالبك بالمبلغ ولا مانع لديه ان كانت معك فئة نقدية كبيرة أن يقوم بتصريفها وقطع مبلغ الدخول الى تلك المرافق ، وفي بعض البوابات الألكترونية تتمكن من الدخول الى المرافق الصحية من دون ليرة معدنية ، بشرط إن تكون معك بطاقة ذكية ، أما إذا كانت معك بطاقة الأئتمان ( Credit Card ) فإنها تفتح أمامك الكثير من البوابات الألكترونية المغلقة !
وعلى ذكر بطاقة الإئتمان التي أصبحت بديلاً عملياً ومهماً عن حمل النقود ومايسببه ذلك من مخاطر فقدانها أو تلفها أو سرقتها ، فإن الكثير من المولات والمتاجر الكبرى وحتى بعض المتاجر والدكاكين البسيطة والفنادق والمطاعم الاعتيادية في مختلف أنحاء العالم ، صارت تفضل البيع بها ولا تشجع الدفع النقدي المباشر ( الكاش ) فضلاً عن إن عمليات حجز تذاكر الخطوط الجوية والفنادق وتأجير السيارات وغيرها عبر الانترنت لايمكن أن تتم بدون وجود بطاقة الأئتمان ، وقد بدأ المسافر والسائح العراقي يدرك مؤخراً أهمية هذه البطاقة خصوصاً وان العديد من المصارف وشركات الصيرفة العراقية الكبرى صارت توفر مثل هذه الخدمة وتيسر سبل الحصول عليها بسهولة ، لكن عليك أن لاتنسى أو تتوهم في كتابة الرقم السري لبطاقتك في حالة استخدامها لسحب مبلغ مالي من أجهزة الصراف الآلي المعروفة في بلداننا بإسم (ATM ) أو ( ABM ) كما تسمى في بعض البلدان الأوروبية وروسيا، فإنك ان كتبت الرقم خطأ لأكثر من مرة فقد يبتلع الجهاز بطاقتك ، ويجعلك في حيرة من أمرك ، كما حدث في سفرتي الأخيرة الى اسطنبول حين التقيت صديقاً صحفياً رغب بسحب مبلغ من صراف آلي في محطة أمينونو ، ولم يدرك انه أخطأ في استخدام الرقم السري لبطاقة الأئتمان حتى إبتلع الجهاز البطاقة !
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.