حيرة كاتب العمود الصحفي ، قبل ان يبدأ قلمه في خط الشروع بالكتابة ، كثيرة ، بل هي حيرة عصية على البوح لخطورتها وحساسيتها ، لاسيما في بلد ، مثل بلدنا ، لا يقرأ المسؤولون فيه الصحف ، ولا يكترثون الى ما يشير اليه الاعلاميون في برامجهم التلفزيونية من ملاحظات حول ما يجري من احداث يومية في الاقتصاد والامن والسياسة وشتى مناحي الحياة ..
وصلتني رسالة من قارئ ، شغلت تفكيري ، وجعلتني في تيه من امري ، فهي لم تكن رسالة عادية من مواطن الى كاتب ، بل هي اشارة عميقة المعنى ، تدل على وعي كبير الى ما وصل اليه حال الاعلام بكل صنوفه .. لقد طالب هذا المواطن بصراحة ووضوح ، وبحروف من الود والحزن ، ان يتوقف الاعلام عن ( الكلام المباح ) ويركن الى صمت مطبق ، وان تتحول برامج التلفزيون الى الدراما والغناء ومتابعة اخبار "المسؤولين" فقط ، وان تتوقف الصحف عن الصدور نهائيا ، فالدولة في واد ، والاعلام في واد آخر..!
صرخة ألم ، اطلقها هذا المواطن النبيل ، واظن انها صدى لملايين المواطنين ، وقد صدق في صرخته ..فلو احصينا عدد المقالات والأعمدة الصحفية ، والبرامج التلفزيونية التي تناقش الشأن العام ، لوجدناها بالآلاف ، وهو رقم كبير يدل على الاهتمام ، والشعور بالمسؤولية ، من قبل الصحافة المقروءة والمرئية باعتبارها سلطة رابعة ... والسواد الاعظم منها ، حمل في طياته ومراميه بعدا وطنيا وانسانيا ، عميق المعنى ، نبيل الهدف ، لكن هل كانت مؤسسات الدولة على مستوى الإدراك ، فقامت بتحليل مضامين تلك المقالات والرؤى الاعلامية ووضعتها على طاولة التشريح للوصل الى نتائج تفضي الى حلول لمشاكلنا المتعددة ؟ اجيب بعبارة واثقة : لا اظن !
في سابق السنين ، كانت هناك جهات مسؤولة في دوائر الدولة ، وفي اعلى المستويات ، تتابع ما يبثه التلفزيون وما تنشره الصحف والمجلات بدقة ، وكانت تجيب بكتب او اوامر وزارية ، وقد شهدتُ شخصياً مئات الحالات التي كانت فيها الصحافة طرفاً رئيساً في حل اشكالات متعددة ... انه الاعلام حين يكون عين المجتمع وأذنه الصاغية ... طروحاته تبني ولا تهدم ، تطور ولا تخرب ، تضيء ولا تعمي ، وتسعى الى تقديم وجهات نظر سامية لا سامة .. فالإعلامي الصادق هو من يضع اشارات منع المرور للنوازع والاهداف الشخصية الي تتعارض مع مصلحة المجتمع
عتبي على واقع حال ، مر الهوان ، فلم ار تعقيبا على ما يطرحه الاعلام من ملاحظات ، إلاّ لُماما ، ربما هو تعقيب على حالة سياسية ، من هذه الجهة او تلك ، اما ما يخص المعضلات والمشاكل المجتمعية ، فالأمر محسوم .. " لا من شاف ولا من دري" !
انا مع رأي المواطن صاحب المقترح .. فما رأيكم ؟